تتسابق شركات التكنولوجيا الكبرى في العالم -مثل فيسبوك (Facebook) وتويتر (twitter) وسبوتيفاي (Spotify)- لبناء وإطلاق أدوات وميزات جديدة في منصاتها لمساعدتها على التنافس مع الشركات الناشئة الأصغر حجما؛ لجذب واستقطاب المبدعين الأفراد وصناع المحتوى الموهوبين الذين أتاحت لهم الشركات الناشئة الفرصة لإظهار إبداعاتهم وتميزهم، وهو الشيء الذي أغفلته الشركات العملاقة لفترة طويلة، وعندما أفاقت وجدت أن القطار كاد يفوتها، وهي الآن تبذل كل ما في وسعها للحاق بالركب.

 

وفي الحقيقة فإن اهتمام الشركات الكبرى كان منصبا على كسب الأموال الطائلة من عائدات الإعلانات، لدرجة نسيت فيها الاهتمام بالمبدعين من صناع المحتوى الأفراد وإتاحة الفرصة أمامهم لإبراز مواهبهم وتحقيق بعض المكاسب المادية نتيجة تميزهم.

 

وفي غفلة عن أعين هذه الشركات التي ترصد كل شيء، ظهرت فجأة منصات وتطبيقات جديدة تهتم بالمبدعين وصناع المحتوى الشعبيين، مثل "تيك توك" (TikTok) للفيديوهات القصيرة، و"كلوب هاوس" (Clubhouse) للمحادثة الصوتية، و"سبستاك" (Substack) للرسائل الإخبارية، وغيرها من التطبيقات الناشئة التي أعطت الفرصة للمواهب الفردية أن تظهر من مختلف أرجاء العالم، كما أعطتهم الفرصة أيضا كي يكسبوا المال بسبب هذه المواهب، وهو الشيء الذي أغفلته الشركات الكبرى التي كان اهتمامها منصبا على مراكمة الثروات الطائلة لنفسها فقط.

بودكاست وبودكاسترز.. المعركة على الأصوات

في هذا السياق أعلنت قبل أيام شركة سبوتيفاي -عملاقة الموسيقى والبودكاست العالمي- عن تطبيق جديد للمحادثة الصوتية الحية تحت اسم "غرين روم" (Greenroom)، والذي يعطي الفرصة للمبدعين والزوار والمغنين والموسيقيين الشباب للانضمام إلى غرف الصوت الحية، وتحويل إبداعاتهم التي تجري فيها إلى ملفات صوتية (بودكاست). وقد تم إطلاق هذا التطبيق بعد فترة قصيرة فقط من استحواذ سبوتيفاي على مؤسسة "بيتي لابز" (Betty Labs)؛ وهي شركة ناشئة صغيرة للتطبيقات كانت قد طورت تطبيقا صوتيا أخذ شهرة واسعة بين أوساط المغنين والموسيقيين الشباب في العالم تحت اسم "لوكر روم" (Locker Room).

وقد أعلنت سبوتيفاي أيضا أنها تنوي إطلاق أدوات جديدة مخصصة للـ"بودكاسترز" (podcasters) تتيح لهم كسب المال من الاشتراكات، وتلقي المنح التشجيعية من المعجبين.

شركة فيسبوك -من جهتها- أعلنت مؤخرا عن إطلاق أول اختبار تجريبي لغرفها الصوتية الجديدة، وقد علق المراقبون مازحين أن هذه الغرف تشبه كثيرا غرف تطبيق كلوب هاوس و"تويتر سبيس" (Twitter Spaces).

 

وستطرح فيسبوك أدوات وميزات بودكاست جديدة مخصصة للمبدعين وصناع المحتوى الأسبوع المقبل كما ذكر موقع "ذا فيرج" (Theverge).

أما "الأخت الصغيرة" تويتر فقد أعلنت عن توسيع نطاق غرفها الصوتية "تويتر سبيس" لتصبح قريبة جدا من منطقة كلوب هاوس، وهو التطبيق الذي نال شعبية هائلة خلال الجائحة، وأصبح الآن يواجه منافسة تزداد شراسة كل يوم من قبل الشركات الكبرى.

ولا ننسى "الأخت الكبرى" "آبل" (Apple) التي أعلنت قبل أيام قليلة فقط عن توفر اشتراكات "آبل بودكاست" (Apple Podcasts) في الأسواق العالمية، بحيث يمكن للبودكاسترز تحصيل رسوم من المستمعين مقابل المحتوى الذي يقدمونه، والخدمة متوفرة في أكثر من 170 دولة في العالم.

لقد صار الجميع فجأة مهتما بتوزيع المال على المبدعين وصناع المحتوى؛ إنه عالم جديد يتشكل.