• رسائل دعويه
  • 1013
  • 26-3-2008
  • أيمن سامي
  • لي أصحاب مسافرين معي قد تجهزوا وما تجهزت معهم ، لقد حملوا طيبات كثيرة وما حملت .... لا ، بل لي حمل أثقل كاهلي ... حمل يضر ولا ينفع .. فليت شعري ما الذي جعلني أحمل ما يضر ولا ينفع ؟ ثم ليت شعري إنَّ صحبي حولي أراهم قد حملوا الطيبات فسعدوا وارتاحوا ... أما نفوسهم فراضية مطمئنة ، وأما نفسي فحزينة متألمة.. كم مرة ٍ راودتني نفسي أن أكون معهم ؟ لكن خطواتي ثقيلة لا تتقدم نحوهم !! فقلت لها يا نفسي إن لم تتحركي من أجل ما ينفعك فلا أقل من أن تتخلصي مما تحملين . يا نفس لكم أثقلك ما تحملين ... يا نفس لكم ضرك وما نفعك... فلماذا تواصلين الحمل ؟ فلم تجبني..
    فناديت : يا عيني فلتذرفي الدموع . قرب وقت السفر واشتد الجمع له ، فمن حولي أمثال دوي خلية النحل من العمل والسعي الدءوب من أجل السفر . نعم لأنه ليس سفرا ً مهما ً وفقط ، بل أهم سفر سنسافره جميعا ً ... إنه السفر للآخرة ، وهل هناك سفر أهم منه ؟ لا وألف لا ... إنه أهم سفر منذ ولدتنا أمهاتنا ... سفر ٌ لا رجعة فيه .. فحق له أن يكون أهم سفر في حياتنا . ومع هذا فلم يحركني كل هذا ، فناديت يا عيني فلتذرفي الدموع . تقاربت الأيام ولكن اليوم ليس ككل يوم..
    أحس ذلك ولكن لا أدري لماذا ؟ لكن هال عيني ما رأت من هذا ؟ من هؤلاء ؟ أحقا ً هي النهاية ؟ هل بدأ السفر ؟ ما بال أطرافي قد بردت ؟
    لقد أيقنت أنها النهاية ... نعم بدأ السفر ، ولكـن أين الزاد ؟ أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟ .... أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟ لكن أشغلني أمرٌ آخر .. لقد وجدتني أحمل حملاً سيئا ... إنه فرصة للتخلص منه ، ولكن مالي لا أستطيع ؟
    هل أنادي يا عيني فلتذرفي الدموع ؟ لكن حتى هذه لا أستطيع . اللسان لا يتحرك ، والجسد كله هامد ، فلا إله إلا الله . { كلا إذا بلغت الترقي وقيل من راق وظن أنه الفراق } { فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ ٍ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون} أفي هذه اللحظة توبة ؟ كلا وربي . ما هذا ؟ وإلى أين ؟ إنه عالم جديد كل من يدخله يوزن بما معه من زاد . لقد هالني ذلك عن النوم على التراب ، ومفارقة الأحباب ، لكن كل هذا يهون أمام الميزان ...
    أين الزاد أين ؟ أين ؟ ولكن يا ويحي مما أحمل .. أتراني سأضعه في الميزان أيضا ً ؟ ياعيني فلتذرفي الدموع . حتى إذا شاء الله أن تحق الحاقة وتقرع القارعة فإذ بالأرض قد زلزلت زلزالها ، وأخرجت أثقالها ، فقمت مع من قاموا حفاة عراة غرلا . فيا لهول ما أرى ... إن منهم من يغطي العرق نصفه ومنهم يلجمه العرق ، ومنهم من يحمل أوزارا ً مثل الجبال ولكن أين؟؟
    إنه يحملها على ظهره يسعى بها إلى الحشر . ومنهم من يطوق أرضا ً ... في رقبته ولكن أي أرض ؟ إن شبرا ً من أرض الدنيا يطوق اليوم في الرقبة إلى سبع أراضين . وها أنا كم أحمل ... فيا عيني فلتذرفي الدموع . حتى إذا شاء الله ـ بعد وقوف طويل ـ أن يفصل بين الخلائق فتطايرت الصحف فآخذ ٌ باليمين وآخذ بالشمال ، فإلى أين هؤلاء ؟ وإلى أين أولئك ؟ أهل اليمين في نعيم مقيم ... فأطلق لخيالك العنان ليسبح في هذا النعيم حتى يصل إلى غايته ، فهناك تعرف أنه أعلى من ذلك كيف لا ؟ وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . أما أهل الشمال فـ { في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم } ... ينادى على أحدهم { خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه } فحدِّث ولا حرج ... تقرح العيون ، وتفطر القلوب ، وتهتك الجلود ، ولكن ... { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب } فعفوك يا رب الأرباب . أخي وحبيبي ..... أرجوك لا تنادي : يا عيني فلتذرفي الدموع ؛ فأمامك الفرصة بعد أن عدت من رحلتك تلك ـ إن شاء الله ـ بالعِبرة . وإلى لقاء مع أهل اليمين أسأل الله أن يجمعنا هناك .
    كن أول من يقيم الموضوع
    12345