الحمد لله الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً .
معاشر المؤمنين : إن المتأمل في أحوال شبابنا وفتياتنا يجد أنه قد أحدق بهم أمر عظيم الخطورة ينذر بالفساد وتجهُّم الحياة وظلام البصيرة وضياع المستقبل وإضاعة المال نتيجة ما يعتري الزواج من مخالفات وأخطاء شرعية تدكُّ كيان الأسرة وتهزُّ أُسَّها مما يجعل بنيانها على شفا جرف هار { أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين } وإنَّ عَقْد الأخوة الذي عقده الله بين المؤمنين بقوله { إنما المؤمنون إخوة } يحتِّم علينا أن نقف مع شبابنا وفتياتنا وقفةً حول الزواج والحكمة منه وأهدافه ومقدماته والخطوات الشرعية المتبعة فيه والتحذير من منكراته ، هي وقفةُ مصارحةٍ وتناصحٍ تهدي الضَّآل وتردُّ الشارد وتنير الطريق للحائرين بإذن الله .
الزواج لغةً يطلق على عدة معانٍ فمنها : الاقتران ، يقال : زوَّج الشيء بالشيء وزوجه إليه أي : قرنه ، وكلُّ شيئين اقترن أحدهما بالآخر شكلين كانا أو نقيضين فهما زوجان قال تعالى{ أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً } أي يقرنهم [ لسان العرب 3 / 117 ] . ومنها : التماثل والتناظر قال تعالى { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } معناه : نظراءهم وضرباءهم ، قال شريك عن سماك عن النعمان قال : سمعت عمر رضي الله عنه { احشروا الذين ظلموا وأزواجهم } أي أشباههم ، يجيء أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا
وأصحاب الربا مع أصحاب الربا ، وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر . [ تفسير ابن كثير 4 / 141 ] . يقال : عندي من هذا أزواج أي أمثال ويقال : له زوجان من الخفاف أي كل واحد منهما نظير صاحبه ، وقيل للمرأة والرجل : زوجان لأنهما قد تناسبا بعقد النكاح.
والزواج شرعاً يطلق على عقد النكاح وهو العلاقة الناشئة بين زوجين بعقد شرعي مستوفٍ شرائطه وأركانه كالولي والصداق وشاهدي العدل ويتم بإيجاب وقبول .
أيها الأحبة : الزواج أساس الأسرة ودعامتها ، والقاعدة التي يقوم عليها بناء المجتمع ، والأسرة هي اللبنة الأولى في بناء صرح الأمة وعلى قدر ما تكون اللبنات قوية متينة يكون البناء قوياً راسخاً منيعاً وعلى العكس من ذلك إذا كانت اللبنات واهية ضعيفة يكون البناء ضعيفاً قابلاً للتصدع والانهيار ، ومن هنا كانت عناية المصلحين بالمبادىء والأسس التي يقوم عليها الزواج شديدة وكان الدين خير هاد لهم فاهتم أعظم الاهتمام به ووضع له نظاماً كاملاً محكماً تنشأ في ظله رابطة الزوجية على أساس من الطهر والثقة المتبادلة وبغطاء من الرحمة والمودة والسكينة حتى تنبت شجرة الأسرة قوية الجذور باسقة الفروع وتنمو وتزدهر وتثمر أينع الثمار وتنشر في الناس ظلاً وارفاً وأريجاً عطراً .
لقد امتن الله على عباده أن خلقهم جميعاً رجالاً ونساءً من نفس واحدة من آدم عليه السلام ، والمِنَّة في هذا الأمر أن نوع الرجال ليسوا خلقاً مستقلاً وكذلك النساء لسن خلقاً مستقلاً في الأصل ، فلو أن النساء خُلِقْنَ في الأصل بمَعزلٍ عن الرجال كأن يكون الله خلقهم من عنصر آخر غير الطين مثلاً أو من الطين استقلالاً لكان هناك من التنافر والتباعد ما الله به عليم ، ولكن في خَلْقِ حواء من ضلع آدم كما في الحديث الصحيح حكمة عظيمة وهي وجود المحبة والألفة بينهما لأنها قطعة من الرجل فحنَّ إليها وحنَّت إليه وتجانسا. ولقد شرع الله الزواج لبقاء النسل واستمرار الخلافة في الأرض قال تعالى {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة } أي ناس يخلف بعضهم بعضاً في عمارة هذه الأرض وقال تعالى { وهو الذي جعلكم خلائف الأرض } ولا تكون هذه الخلافة إلا بنسل مستمر ، والنسل الذي أراده الله هو النسل الطاهر النظيف الذي يكون ثمرة زواج مشروع وفق منهج الله وهداه ، ولذا فقد حرم التبتل والإعراض عن الزواج تديُّناً ، قال سعد بن أبي وقاص : " رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا". بل وردت الأحاديث الصريحة في الحث على الزواج والترغيب به تحقيقاً لهذه الغاية النبيلة ، قال صلى الله عليه وسلم :" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ".رواه الجماعة. وقال أيضاً :" تناكحوا تناسلوا تكثروا فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة". فتكثير النسل الذي يعبد الله وحده لا شريك له من أهم مقاصد الزواج وأهدافه ولذلك جعل الله الإضرار به من أكبر الفساد في الأرض قال تعالى { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } .
والزواج هو الوسيلة الوحيدة للإنسان لكي ينظِّم الفطرة والغريزة التي أودعها الله فيه على وجه يحقق استخلافه في الأرض بتعمير الكون وبعث الحياة فيه قويةً مثمرةً والتعاون على تدبير المصالح والمنافع والسير في مجال الإصلاح والخير . من أجل هذا كان الزواج ذا شأنٍ خطير وأثر بالغ في الحياة الإنسانية وتوجيهها ، وكان عقد الزواج من أخطر العقود التي يتعامل بها الإنسان في الحياة ، وصفه الله تعالى بالميثاق الغليظ قال سبحانه { وإن أردتم استبدال وزج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً ، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً } ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم فقال في الحديث الذي رواه مسلم :" إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ".
لقد تكفل الإسلام ببيان مراحل الزواج من أولها إلى آخرها وتولى عملية التوجيه من البداية ومن اللحظة الأولى التي يفكر بها الشاب أو الفتاة بهذا الأمر ، وأول ما عني به هو اختيار الشريك الصالح، قال تعالى { والطيبات للطيبون والطيبون للطيبات } .
فأول صفة من صفات الزوجة التي ينبغي أن يحرص عليها كل شاب : الدين قال صلى الله عليه وسلم :" الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة " وقال أيضاً :" تنكح المرأة لأربع : لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ".متفق عليه وإذا اجتمع مع الدين شيء من الجمال أو الحسب أو المال فهو زيادةٌ في الخير .
ومن صفاتها : الطاعة والأمانة ، سئل صلى الله عليه وسلم : أي النساء خير ؟ قال : التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه فيما يكره في نفسها ولا في ماله " رواه أحمد وهو حسن بمجموع طرقه.
وكذلك من صفاتها أن تكون : ودودة متحببة لا جافية ولا غليظة ولا مسترجلة ، قال صلى الله عليه وسلم :" تزوجوا الولود الودود العؤود ". الولود هي التي تلد وتنجب ، والودود المتحببة إلى زوجها ، والعؤود التي تعود عن خطئها وتعتذر منه بل وتطيِّب خاطر زوجها ولو كان هو المخطىء كما بَيَّن صلى الله عليه وسلم ذلك أنها :" تقول لزوجها لا أذوق غمضاً حتى ترضى ".
وأما الزوج فأول صفاته أن يكون ذا دين قال تعالى {ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم } وقال عليه الصلاة والسلام :" إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ".
ثانياً :أن يكون حاملاً لشيء من كتاب الله تعالى فقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه بما معه من القرآن كما في الصحيحين .
ثالثاً : أن يكون مستطيعاً للباءة بنوعيها : القدرة على مؤنة النكاح والقدرة على الجماع لعموم قوله صلى الله عليه وسلم :" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج " رواه الجماعة.
وينبغي أن يكون رفيقاً بالنساء قال صلى الله عليه وسلم في أبي جهم:" أما أبو جهم فرجل لا يضع العصا عن عاتقه " . وقال عليه الصلاة والسلام :" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ".
ومن صفاته : أن يكون كفؤاً للمرأة وأهم ما يراعى هو الكفاءة في الدين ، فالمسلمة لا ينكحها إلا مسلم ، وهذه الكفاءة معتبرة بإجماع أهل العلم ، فلا يجوز لمسلمة الزواج من كافر ، ومن الكفاءة أيضاً الكفاءة في الوضع الاجتماعي حتى لا تحدث النفرة والشذوذ فلو تزوجت طبيبة مثلاً من عامل نظافة فلا بد أن يحدث نفور وشذوذ بينهما حيث تتعالى المرأة على زوجها إلا من رحم الله وذلك بالرغم من أن النكاح صحيح وجائز ، ولا ينبغي أن تفهم الكفاءة من منطلق قبلي وعشائري فلا ينكح الرجل إلا ابنة القبيلة ولا تنكح هي إلا ابن القبيلة فهذا ليس شرطاً في الكفاءة بل هو باب شر عريض إذ سيؤدي إلى بقاء نسبة كبيرة من الفتيات بلا زواج نتيجة لعزوف شباب القبيلة عنهن.
فإذا عزم الرجل على الخطبة من المرأة التي اختارها وتحرى عنها واطمأنت نفسه إليها، يباح له أن ينظر إليها ليكون هناك نوع من التعرف عليها لمعرفة مدى ما تتمتع به من الحصاتة الخلقية وحسن السيرة وجمال المظهر المتفق مع جمال المخبر وهذا التعرف يحصل بالبحث والسؤال والتحري عن وضع هذه المرأة كما أنه يحصل بالنظر إليها عند العزم على الزواج منها ، ولقد ندبت الشريعة إلى هذه الرؤية لتصح الرغبة فيها ويطمئن الخاطب إلى التزوج منها ، فقد تكون دميمة أو مشوهة الخلقة .
قال صلى الله عليه وسلم للمغيرة رضي الله عنه :" انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " رواه الخمسة إلا أبا داوود. أي أن إعجابك بها أحرى بأن تدوم العشرة بينكما فيصلح الزواج وتكون الألفة والوفاق وتدوم الصحبة . وخطب رجل امرأة من الأنصار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً ". أي ضيقاً . ويباح له في مجلس الرؤية أن ينظر إلى وجهها وكفيها وقدميها فهذه المواضع هي مواضع الزينة التي لا يجوز النظر إليها إلا عند الحاجة وعلة النظر إلى الوجه أنه موطن الحسن والجمال في المرأة والنظر إلى اليدين يؤدي إلى معرفة خصوبة البدن ، وهذا قول الجمهور ورجحه ابن تيمية رحمه الله .
أما إذا اختبأ لها فله أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها من غير أن تعلم أو يعلم ذووها بقصد الزواج الذي يخفيه وهذا التصرف له مكانته من اللياقة والأدب ، قال جابر رضي الله عنه : ( خطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها ) رواه أبو داوود وابن ماجه وصححه الألباني .
ومن أراد أن يتخفى لمخطوبته ليراها بقصد الزواج منها فعليه ألا يثير الشكوك والتُّهم حوله ، أو أن يظهر بمظهر الذي يتجسس على البيوت فيضع نفسه موضع الشبهة ويقع فيما لا تحمد عقباه بل يتلطف ويتحرى ويتخفى حتى يرى ما يدعوه إلى نكاحها . فإذا أعجبته واطمأنت إليها نفسه يعقد عليها .
ويشترط لصحة العقد موافقة الزوجة أولاً ، فعقد الزواج عقد اختياري لا يجوز فيه الإكراه بوجه من الوجوه لأنه يتعلق بحياة الزوجين ومستقبلهما وأولادهما ولذلك فلا يجوز دخول طرفي العقد مكرهاً قال صلى الله عليه وسلم :" الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها " رواه الجماعة إلا البخاري . وسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : تستأمر النساء في أبضاعهن ؟ قال :" نعم " ، قالت : قلت : إن البكر تستأذن وتستحي ، قال :" إذنها صماتها " متفق عليه . فلا سبيل لإجبار المرأة على نكاح شخص ما بغير إرادتها سواء كانت بكراً أم ثيباً .
ولا بد من وجود الولي أو من يوكله ، قال صلى الله عليه وسلم :" لا نكاح إلا بولي …. " رواه أبو داوود وغيره .وقال صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فله المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له " . رواه الخمسة إلا النسائي .
فتزويج المرأة لنفسها بنفسها دون ولي أمر يخالف فطرة المرأة ووسيلةٌ إلى الزنا باسم النكاح ، فالمرأة عاطفية بطبعها وتتأثر بما تسمعه وتشاهده بسرعة ودون تروٍ أو تفكير في عواقب الأمور ، ولذا فهي تنساق وراء عاطفتها وقد توافق على الزواج من رجل لا مصلحة لها في الزواج منه ، أما الولي فهو أقدر الناس على النظر في مصالحها واختيار الزوج المناسب لها واشتراط الشروط لمصلحتها ، وولي المرأة هو أبوها ، أو أخوها ، أو الأقرب فالأقرب لها ، فإن لم يوجد من أقاربها الرجال أحدٌ حيٌ ، فالقاضي وليها بما له من الولاية العامة على المسلمين .
كما يشترط لصحة عقد النكاح الشاهدان العدلان اللذان يشهدان على بنوده وهذا أمرٌ موجِبٌ لحفظ حقوق الرجل والمرأة من التلاعب والضياع ، قال صلى الله عليه وسلم :" لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ".
ولا بد من تسمية المهر وهو الصداق الذي يقدمه الرجل للمرأة بمثابة هدية لها وتطييب لخاطرها فهو مُلْكٌ لها تتصرف فيه كيف تشاء ولا تعلُّق للآباء به ، فيجوز لها أن تتنازل لزوجها عنه كله أو عن بعضه راضية مختارة ، قال تعالى{وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً }والنحلة هي الهدية . ولما كان المهر هدية للمرأة من زوجها لم يحدد الشرع أقله ولا أكثره بل ترك ذلك حسب المقدرة والأريحية ، قال تعالى { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً .. الآية } فيباح للزوج أن يعطي لزوجته ما شاء من المال كمهر لها ، إلا أن الشرع رغَّب في الاقتصاد وعدم المغالاة لما في ذلك من تيسير على الأزواج غير الميسورين .
وأخيراً ينبغي أن يتم العقد بصيغة الإيجاب والقبول من كلا الطرفين ، ومعنى الإيجاب : أن يطلب الزوج من المرأة أو وكيلها الزواج ، ومعنى القبول : رضا الزوجة بصفة تدل على ذلك أو العكس.
فإذا حان موعد الزفاف شُرع للنساء الغناء الخالي من الفتنة والكلام الفاحش أو الذي يهيج العواطف ويدعو إلى ما حرم الله وكذلك الضرب بالدف ، وذلك لإعلان النكاح وتمييزه عن السفاح شريطة ألا يكون مصحوباً بالمعازف ، فقد أخرج البخاري من حديث الربيع بنت معوذ قالت : جاء النبي صلى الله عليه وسلم يدخل حين بُنِيَ عليَّ فجلس على فراش كمجلسك مني فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندُبْنَ مَنْ قتل من آبائي يوم بدر إذ قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في غد ، فقال صلى الله عليه وسلم :" دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين ". وقال عليه الصلاة والسلام :" فصل ما بين الحرام والحلال الضرب بالدفوف والصوت " رواه أحمد بإسناد حسن.
وتُنهى النساء عن رفع الصوت بحيث يسمعهن الرجال ويستحب أن يكون مكان الزفاف بعيداً عن مسامع الرجال .ويُسَنَّ إظهار الفرحة والبهجة بالعروس وتمني الخير والسعادة لها .
أما الرجل فالسنة في حقه أن يولم بما تيسر فقد أولم النبي صلى الله عليه وسلم على نسائه وحث أصحابه على الوليمة ، ففي حديث أنس الذي رواه البخاري قال : وكان أول ما أنزل في مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم : زينب بنت جحش رضي الله عنها ، أصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروساً فدعا القوم فأصابوا من الطعام ثم خرجوا وبقي رهط منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم فأطالوا المكث فقام النبي صلى الله عليه وسلم فخرج وخرجت معه لكي يخرجوا فمشى النبي صلى الله عليه وسلم ومشيت حتى جاء عتبة حجرة عائشة ثم ظن أنهم خرجوا فرجع ورجعت معه حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا ، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ورجعت معه حتى إذا بلغ عتبة حجرة عائشة وظن أنهم خرجوا فرجع ورجعت معه ، فإذا هم قد خرجوا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينه بالستر وأنزل الحجاب " ، وفي هذا أدب لمن يحضرون الولائم ألا يتخذوها فرصة للسهر الطويل وإضاعة الأوقات وإزعاج أصحابها . وقال عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن بن عوف : " أولم ولو بشاة ". ولا حدَّ لأكثر الوليمة ولا لأقلها بل تكون على قدر حالة الزوج وهذا قول أكثر أهل العلم فقد أولم النبي صلى الله عليه وسلم بشاة وأولم على صفية بحيس كما رواه البخاري ومسلم، وتكون الوليمة بعد الدخول أو بعده لما في البخاري من حديث أنس السالف الذكر وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح بزينب بنت جحش رضي الله عنها عروساً فدعا القوم فأصابوا من الطعام . قال ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح : ويؤيد كونها للدخول لا للإملاك أن الصحابة بعد الوليمة ترددوا ( وذلك في قصة صفية بنت حيي رضي الله عنها حينما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ) هل هي زوجة أو سرية فلو كانت الوليمة عند الإملاك لعرفوا أنها زوجة لأن السرية لا وليمة لها فدل على أنها عند الدخول أو بعده أ . هـ .
ويجب على من وُجِّهت له الدعوة إلى الوليمة أن يلبي إلا من عذر مانع كمرض ونحوه أو إذا وجدت المعاصي والمنكرات قال صلى الله عليه وسلم :" إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ".متفق عليه وفي رواية " أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم إليها ". متفق عليه .
فإذا انفضَّ الناس ودخل بيته وأرخى ستره سُنَّ له أن يصلي ركعتين وأن يضع يده على ناصية زوجته ويقول :" اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه "لورود الحديث بذلك . وعليه أن يتقي الله في زوجته وأن يحسن عشرتها وأن ينفق عليها بالمعروف ويطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يقبح ـ أي يقول قبحك الله ـ ولا يلعن ولا يشتم قال صلى الله عليه وسلم :" خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ". وعلى الزوجة طاعة زوجها بالمعروف وحفظه في ماله وولده ونفسها ولا تشتمه ولا تتأفف إذا كانت حاله ضيقة وتعرف له حقه عليها . قال صلى الله عليه وسلم :" لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها ". ولا تنكر إحسانه إليها فقد بيَّن الصادق المصدوق أن أكثر من يدخل النار هم النساء ، فلما سئل عن سبب ذلك قال :" تكثرن اللعن وتكفرن العشير ".
أيها الأحبة : بعض الناس يقعون في هذه المناسبات بمنكرات وأمور مخالفة لشرع الله ولسنة النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء من اختيار الزوجة وانتهاء بما يكون في حفل الزفاف ، إما جهلاً منهم أو حباً في التقليد للكفار ومن شابههم أو تكبراً وتمرداً على ما أوجبه الله عليهم في مثل هذه الأمور ، وسنلقي الضوء بإذن الله على هذه المخالفات للحذر منها وعدم الوقوع بها ، فأول هذه المخالفات :
التساهل في اختيار الزوجة : فبعض الناس لا يهمه المرأة الصالحة ذات الدين ، بل يبحث عن ذات الجمال أو ذات المال أو ذات الحسب والنسب ويضع المتدينة في أسفل القائمة وآخر المرغوبات من النساء وهذا مخالف لما أمر الله به حيث قال { ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم } ولحديث النبي صلى الله عليه وسلم :" فاظفر بذات الدين تربت يداك ".
ومن المنكرات الخروج والدخول مع المرأة قبل الخطبة والإملاك أو الخلوة بها بحجة التعرف على أخلاقها وطبائعها وهذا أمر محرم لورود النهي عن الخلوة بالمرأة الأجنبية ، قال صلى الله عليه وسلم :" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم فإن ثالثهما الشيطان ". رواه أحمد .
والحكم واحد حتى ولو كانت المخطوبة من أقاربه كابنة عمه أو ابنة خاله ، قال صلى الله عليه وسلم :" إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أرأيت الحمو ؟ قال صلى الله عليه وسلم :" الحمو الموت " . رواه أحمد.
بل إن من يفعل ذلك يخادع نفسه فلن يستطيع أن يتعرف على أخلاق المرأة بهذه الطريقة ولن تتعرف هي على أخلاقه لأن كل واحد منهما يتصنع لصاحبه ويُظهر له من الأخلاق والتصرفات المصتنعة ما يحجب الحقيقة عن عينيه .
ومن المنكرات عدم تمكين الخاطب من الرؤية الشرعية : فالخاطب يستحب له أن ينظر إلى مخطوبته كما مر معنا ، أما تشدد بعض الناس فلا يسمحون للخاطب من رؤية مخطوبته فإنه تشدد في غير محله ، فالله ورسوله صلى الله عليه وسلم أباحا هذا النظر ، والمؤمن يرضى ما رضيه الله ورسوله لما في ذلك من المصلحة التي تجعل الزوج يتخذ قراره عن قناعة مما ينعكس إيجاباً على الحياة الزوجية .
ومنها :تأخير الزواج لما بعد الدراسة : وهذا مخالف لما أُمر به المسلم من تحصين فرجه ونفسه ، والزواج المبكر غالباً يكون معه صحة البدن والعقل وراحة النفس ،وقد قال صلى الله عليه وسلم :" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج .. " متفق عليه .
فتأخير الزواج لما بعد الدراسة من الرجل أو المرأة أمر غريب أُلقي علينا من غيرنا ولا تعرف أمة الإسلام مثل هذا فإذا كان الشاب مستطيعاً للنفقة وكان عاقلاً يعاشر بالمعروف فمثله يستحب له الزواج المبكر وكذلك الفتاة ، والزواج المبكر دواء للجنسين أيما دواء ولا سيما في هذا العصر المليء بالفتن والشرور .
ومنها إجبار المرأة على الزواج ممن لا تريده : وهو أمر غير جائز ، فلا يجوز إكراهها على الاقتران بمن لا ترغب فهذا ظلم لها وأي ظلم ، بل تترك لها حرية الاختيار من الرجل الكفء لها ، قال صلى الله عليه وسلم :" الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن وإذنها صماتها . رواه الجماعة إلا البخاري .
ومنها منع الأب ابنته من الزواج طمعاً في راتبها : فتراه يرد الخاطب تلو الآخر حتى يضع ما تحصِّله آخر الشهر في جيبه ، وفي هذا من الظلم لها ما لا يعلمه إلا الله وحده ، وجناية عليها أيما جناية إذ تمر أيام شبابها سريعة ثم يفوتها القطار وتبقى وحيدة فريدة بعدما خسرت عاطفة الأمومة وحنان الزوجية ، والبعض منهن قد تنجر وراء رغبتها فتقع فيما حرم الله ولا شك أن لمن منعها من الزواج نصيب من وزرها لأنه كان سبباً من الأسباب التي جرتها إلى هذه الهاوية .
ومنها المغالاة في المهور : صحيح أن الأصل أنه لا تحديد للمهور لكن الزيادة الفاحشة فيه أمر مخالف للهدي النبوي ، وهو كذلك ذريعة وسبب لعزوف كثير من الشباب عن الزواج وهذا باب من الفساد ينبغي سده ، إذ سيلجأ ضعاف الإيمان وقليلي التقوى إلى مقارفة ما حرم الله لتلبية غرائزهم وشهواتهم نتيجة لعدم قدرتهم على الزواج بسبب غلاء المهور . فعلى أولياء النساء التخفيف من مهور مولياتهم وتخيُّر الصالحين لهن فقد كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجاته ثنتي عشرة أوقية ونصفاً . رواه مسلم عن عائشة .
ومنها نكاح الشغار : وهو أن يقول الرجل للرجل أزوجك ابنتي على أن تزوجني ابنتك ، أو أزوجك أختي على أن تزوجني أختك ، هكذا مبادلة واحدة بواحدة ، وكان هذا من أنكحة الجاهلية الأولى وهو محرم سواء سمَّيا مهراً لكل واحدة أو لم يسمِّيا طالما أن أصل الصفقة مبادلة واحدة بواحدة ، والحكمة من تحريم هذا الزواج هي حماية المرأة مما قد تتعرض له بسبب هذا الزواج ، فإذا اختلف أحد الزوجين مع زوجته فضربها أو هجرها أو طلقها فإن نفس المصير ستواجهه زوجة الطرف الآخر بلا ذنب اقترفته ولا جرم عملته .
ومنها خاتم الزواج : حيث يشتري العروس له ولعروسه خاتمين على شكل حلقتين ويضع كل واحد الخاتم في يد الآخر علامة على أنه متزوج ، وهذا من فعل الفراعنة فقد جرت العادة عندهم على اصطناع دائرة أو حلقة صغيرة يلبسها كل من العريس وعروسه في أصبعه كرمز للسعادة والحب الأبدي ، ثم تلقف النصارى هذه العادة حيث يمسك الكاهن بأصبع العريس السبابة ويقول باسم الآب ، والوسطى ويقول والإبن والبنصر ويقول وروح القدس ثم يضعه في الخنصر ، وقد انتشرت هذه العادة القبيحة في بلادنا حتى أصبح شائعاً أن الخاتم يوضع الخنصر أو البنصر ، وبعضهم يسميه المحبس ، لأنه يحبس الزوجة عن الزواج من آخر وكذا الزوج ، وكل هذا من المحدثات التي ما أنزل الله بها من سلطان وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .
ومنها تشريع الزوجة مع النساء ومعها زوجها : وفي هذا محظوران، الأول : التشبه بالكفار إذ أن هذا الفعل من صنيعهم حيث يشترك الزوج والزوجة في مكان مرتفع معاً يصاحبه سلام قريبات الزوجة وأقرباء الزوج.
الثاني : نظر الرجل إلى النساء من غير محارمه ممن تبرجت وتزينت وربما ظهرت سيقانهن ووجوههن وهذا لا يحل ، ولولا أن هذا الفعل قد رؤي وسمع به لما كنا نصدق أن أهل التوحيد والغيرة على الدين يفعلونه ، فالله المستعان.
ومنها إحضار المغنين والمغنيات وعزف الموسيقى : وهذا لا يحل ، قال تعالى { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} كان ابن مسعود يقسم بالله ثلاثاُ ويقول : هو الغناء ، وقال صلى الله عليه وسلم:" سيكون من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ". وقوله صلى الله عليه وسلم يستحلون دالٌّ على أنها محرمة . فالمشروع استعمال الدف للنساء مع الكلام الحسن والغناء المباح ليلة الزواج والبناء وفي ما شرعه الله غنية عن المحرمات ، هذا مع أن المغنين والمغنيات يأخذون مالاً حراماً والمعطي قد أنفق في الحرام وربما كان ألوفاً كثيرة ، مع ما فيه من المجاهرة بالمعصية والإعلان بها ، يقول صلى الله عليه وسلم :" كل أمتي معافى إلا المجاهرين ". وهذه شرور متتالية وقى الله المسلمين منها .
ومنها استعمال مكبرات الصوت للنساء : المرأة مأمورة بخفض صوتها حتى في العبادات الشرعية فكيف بغيرها ؟ فاستعمال مكبرات الصوت لهن لا وجه له ولا يسوغ مطلقاً.
ومنها الإسراف في الإنارة : باستعمال الأنوار الكاشفة التي تبهر العيون وتعليق المصابيح ونشرها بكثرة حتى إن الناظر للمكان من بعيد يلاحظ بوضوح النور الساطع ، وهذا إسراف لا يجوز واستعمال للمال في غير محله وضغط على الشبكة الكهربائية مع ما يصاحب ذلك من أخطار تنشأ عن الاحتكاك الكهربائي بسبب كثرة الأسلاك ، فالاقتصاد مطلوب وخير الأمور أوسطها والاقتصار على الإنارة الضرورية هو الواجب أما الزيادة والمبالغة إلى حد الإسراف فلا يجوز.
ومنها الإسراف في الطعام والتباهي بوضع الأصناف الكثيرة : وقد أولم النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ، فالواجب تهيئة الطعام على قدر الحضور من المدعوين بحيث لا ينقص ولا يزيد زيادة كبيرة ، والأولى إنفاق هذا المال الفائض في أمور أخرى ، وكذلك بعضهم يرمي ما فضُل من الطعام في القمامة أو على حافات الطرق وهذا حرام أيضاً فالتصدق به على الفقراء والمساكين أولى من رميه بهذه الطريقة وفاعله مأجور مثاب من الله تعالى ، قال صلى الله عليه وسلم :" وفي كل كبد رطبة أجر ".
ومنها إلقاء الدراهم أثناء حفل الزواج : مما يعرِّض ما عليها من اسم الله تعالى وذكره للمهانة ، وتعظيمُ أسماء الله تعالى وآياته أمر مطلوب حيث كانت سواء كانت في دراهم أو أوراق أو غير ذلك قال تعالى { ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } وإلقاء الدراهم بهذه الطريقة فيه امتهان لذكر الله وتبذير للمال وإنفاق له في غير ما شرعه الله تعالى .
ومنها الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة : قال صلى الله عليه وسلم :" لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ".
ومنها : التقاط الصور في حفل الزواج للنساء وغيرهن : وهذا ممنوع حيث يرى صورهن الرجال ، وهذا ما حصل ووقع وربما انتشرت هذه الصور فكان في هذا هتك لحركتهن وإساءة لآبائهن وعوائلهن وأدلة منع التصوير معلومة مستفيضة ، والمرأة عورة فتصويرها أبلغ في المنع .
وأخيراً الإنكار على من تزوج أكثر من واحدة : وهذا من البلايا التي أظهرها أعداء الشرع ، إذ أن جواز التعدد شريعة محكمة وما كان كذلك ينبغي أن يُتلقى بالتسليم والقبول قال تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً ما قضيت ويسلموا تسليماً } أما الإنكار على من تزوج أكثر من واحدة فلا يكاد يصدر إلا من جاهل أو ذي شبهة قذفها في قلبه أرباب الشهوات في وسائلهم المختلفة ، قال تعالى { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم .. الآية } وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من واحدة وكذا فعل أصحابه، فالتعدد مباح وجائز وربما كان واجباً في حق من لم تكفه واحدة وخشي على نفسه من الفتنة .
ويحسن بنا هناأن نورد ما ذكره العلامة ابن حجر في كتابه الفذ فتح الباري عن الحكمة في إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من النساء ، قال رحمه الله : والذي تحصل من كلام أهل العلم في الحكمة من استكثاره صلى الله عليه وسلم عشرةُ أوجه تقدمت الإشارة إلى بعضها .
أحدها : أن يكثر من يشاهد أحواله الباطنة فينتفي عنه ما يظن به المشركون من أنه ساحر أو غير ذلك .
ثانيها : لتتشرف قبائل العرب بمصاهرته فيهم .
ثالثها : للزيادة في تألفهم .
رابعها : للزيادة في التكليف حيث كلف أن لا يشغله ما حبب إليه منهن عن المبالغة في العبادة .
خامسها لتكثر عشيرته من جهة نسائه فتزاد أعوانه على من يحاربه .
سادسها : نقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع عليها الرجال ، لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفي مثله .
سابعها : الاطلاع على محاسن أخلاقه الباطنة فقد تزوج أم حبيبة وأبوها إذ ذاك يعاديه وتزوج صفية بعد قتل ابيها وعمها وزوجها فلو لم يكن أكمل الخلق في خلقه لنفرن عنه ، بل الذي وقع أنه كان أحب إليهن من جميع أهلهن .
ثامنها : ما تقدم مبسوطاً في خرق العادة له في كثرة الجماع مع التقلل من المأكول والمشروب وكثرة الصيام والوصال ، وقد أمر من لم يقدر على مؤن النكاح بالصوم ، وأشار إلى أن كثرته تكسر شهوته فانخرقت هذه العادة في حقه صلى الله عليه وسلم .
تاسعها وعاشرها : تحصينهن والقيام بحقوقهن . والله أعلم [ الفتح 9 / 115 ] .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

كن أول من يقيم الموضوع
12345