• التربية والأسرة المسلمة
  • 1176
  • 7-8-2008
  • الشيخ عائض القرنى
  • الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم صلِّ وسلِّم على أذن الخير الذي استقبل وحي السماء فبلَّغه بأجمل عبارة، وأوصله بألطف إشارة، أنقذ الأمة من الهاوية، وكشف الغمة وأخرج الجيل من الظلمات إلى النور، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.

    أيها الناس! عنوان هذه الخطبة: أيها العاق!

    العقوق الذي تعيشه الأمة صوره كثيرة، ومن أبرز صور العقوق:

    عقوق الابن لأبيه ولأمه، اكتظ الحرم في الطواف بالحجاج والشمس حارة، والناس واقفون عند الكعبة المشرفة يسألون المولى، وبين الألوف المؤلفة حاج من اليمن ، يحمل أمه على كتفيه، تصبب عرقه، واضطربت نفسه، وكلَّ متنه وهو يطوف بها لأنها مقعدة، ويرى أن من الواجب عليه أن يكافئ الجميل، فهذه العجوز المقعدة الجالسة على أكتافه كان في فترة من الفترات جنيناً بين أحشائها، وكان طفلاً في بطنها، أرضعته، وضمته وقبلته، سهرت لينام، وجاعت ليشبع، وضمئت ليروى، فظن أنه كافأها حقاً بحق، ومر هذا الحاج وابن عمر الصحابي الجليل واقف عند المقام، فقال: السلام عليك يا ابن عمر ! أنا الابن وهذه الوالدة، أترى أني كافأتها؟ قال ابن عمر : والذي نفسي بيده ولا بزفرة من زفراتها، ولا بزفرة واحدة.

    لا يأتي هذا التعب والعرق والجهد والإعياء ولا بزفرة واحدة زفرتها في ساعة الولادة.

    هذه صورة واحدة من صور المعاناة التي يقدمها الوالد وتقدمها الوالدة لهذا الإنسان.......



    صورة من عقوق الوالدين



    جلس الرسول صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وإذا بشيخ كبير يدلف عليهم يتكئ على عصا، احدودب ظهره ورق عظمه واشتعل رأسه شيباً، وقف على رأس المعلم الجليل يشكو إليه مظلمة، فمن ظلمه؟ أيهودي ظلمه؟ أنصراني اعتدى عليه؟ لا. إنه ابنه، يشكو ودموعه تهراق من رأس لحيته، يقول: يا رسول الله! ابني ظلمني، قال: وماذا؟ قال: ربيته يا رسول الله! حتى أصبح كبيراً، جعت ليشبع، وظمئت ليروى، وتعبت ليرتاح، فلما اشتد ساعده تغمط حقي وأغلظ لي ولوى يدي، قال عليه الصلاة والسلام: وهل قلت فيه شعراً؛ لأن العرب أمة شاعرة تشكو شجونها في أبيات وتخرج مكنونها في عبارات، قال: نعم يا رسول الله! قال: ماذا قلت؟ قال: قلت له:

    غذوتك مولوداً وعلتك يافعاً تعل بما أجري عليك وتنهل


    إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا شاكياً أتململ


    يقول: إذا زارك المرض وأتتك الحمى أيها الابن! فكأني أنا المريض والمحموم لا أنام كما تنام أنت.

    كأني أنا الملدوغ دونك بالذي لدغت به دوني فعيناي تهمل


    فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما فيك كنت أؤمل


    جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل


    فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل


    فدمعت عيناه عليه الصلاة والسلام، وبكى أصحابه وقال: علي بابنه، فذهب الصحابة فقادوا ابنه، فإذا هو في جسم البغل، فأوقفه أمامه وأخذه بتلابيب ثوبه، وهزه المعصوم وهو يبكي ويقول: { أنت ومالك لأبيك } أي أنك شبه الرقيق لهذا الوالد يبيعك ويشتريك، وما أنت إلا من متاعه ودنياه، وهو من أسباب إيجادك بعد إيجاد الله.

    هذا موقف الوالد والولد.

    إنَّ هذه الصورة تتكرر في اليوم مرات من أناس شبوا عن الطوق، قويت سواعدهم، واشتدت كواهلهم وكبرت جماجمهم؛ فعقوا ربهم أولاً، فما عرفوا بيوته وأعرضوا عن كتابه، وعن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ثم عقوا الوالدين في وقت الضعف، وليس الوالد أو الوالدة في وقت قوة لكن في أرذل العمر.

    أذهب الوالد شبابه، وفتوته وصحته وقوته من أجل هذا الشاب، فلما أصبح ثمرة الحياة أمامه وأصبح مستقبله يتمثل في هذا الشاب عقه، فما ترى إلا الشيوخ وهم يبكون، وكم رأينا من طاعن في السن يدب على الأرض دبيباً يشكو ابنه، ونحن نرفع شكواه إلى الواحد الأحد الذي ينصف سبحانه ولا تسقط عنده مظلمة.






    صورة من بر الوالدين



    يروي لنا المعصوم صلى الله عليه وسلم قصة ثلاثة خرجوا في الصحراء من بني إسرائيل وأظلم عليهم الليل البهيم، فصعدوا جبلاً ودخلوا غاراً فانطبقت عليهم الصخرة فسدت بوابة الغار، فلا اتصال ولا عشيرة، ولا قبيلة ولا أهل، وهذه ساعة الاضطرار: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62].. ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:67] وهذه هي وحدانية التحدي عند أهل التوحيد، وهي تعني ألا يجيب المضطر إلا هو، ولا يكشف المكروب ولا يفرج عن المغموم إلا هو، ولا يجيب صاحب الحاجة ولا يكشف الضر إلا هو.

    ولقد ذكرتك والظلام مخيم والأسد تزأر في ربا الصحراء


    في وحشة لو غبت عني ساعة لحسبتني شلواً من الأشلاء


    ضل الرفيق فلست أدعو غير من خلق الوجود مصور الأحياء


    هذا هو الله: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [الشورى:10] أتوا يدفعون الصخرة فما اندفعت، لا طعام ولا كساء ولا شراب؛ موت محقق!.

    فاتصلت حبالهم بحبل الله، الذي يدعوه المظلوم في ظلمات الليل فيسمعه، يونس بن متى في ظلمات ثلاث، ظلمة الليل وظلمة اليم وظلمة الحوت، فهمس في الظلمات بكلمة قوية: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" فأنقذه، قال الثلاثة: والله لا ينجيكم أحد إلا الله، فادعوه بصالح أعمالكم.

    فقام الأول -وهو الشاهد- فتذكر أعماله فلم يجد أحسن ولا أرجى ولا أطيب من بره بوالديه، فخاطب الله علاَّم الغيوب، الذي يعلم السر وأخفى، قال: {اللهم إنك تعلم أنه كان لي والدان شيخان كبيران، وكنت لا أُقْدِّمُ عليهما أهلاً ولا ولداً، وقد غبت ورحت عليهما -غاب في غنمه وإبله- قال: فأتيت وإذا هما قد ناما، فحلبت غبوقهما -وهو الشراب من اللبن في المساء- وقمت بالإناء وأتيت به فوجدت الوالدين نائمين -انظر إلى الصورة.. انتظرا ولدهما ليأتي باللبن فتأخر فناما، فأتى بالإناء مترعاً باللبن ووقف، ومن البر أنه لم يوقظ والديه، لكيلا يزعجهما من النوم، فكيف بالذي أزعج والديه في الليل والنهار؟ وكيف بمن أبكى والديه صباح مساء؟ وكيف بمن أدخل المشاكل في بيت والديه؟ وأذاقهما المر الأمر وقد أذاقاه السعادة والراحة- وقف باللبن فقال: فكرهت أن أوقظهما وأطفالي يتضاغون عند قدمي من الجوع يريدون اللبن -لكن اللبن من نصيب والديه- قال: فلم أقدم أطفالي، ولم يسقِ أطفاله قطرة واحدة، وفلذاته يتقطرون تحت قدميه ويتضاغون كفروخ الطير من الجوع، قال: فقمت بالإناء من صلاة العشاء حتى لمع الفجر، فاستيقظا من نفسيهما، فقدمت الإناء فشربا، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك؛ ففرج عنا ما نحن فيه، فتدهدهت الصخرة } من عظم الخطاب، ومن قوة الجواب، ومن جلالة المقام، صخرة عاتية دهدهها الله بأنه استجاب، ثم تكلم الاثنان. والشاهد هنا البر وكيف أوصل هذا الرجل إلى درجة أن يزحزح الله الصخرة عنهم.







    عاقبة قاطع الرحم



    يقول المعصوم عليه الصلاة والسلام: {لا يدخل الجنة قاطع } وما له حتى يدخل الجنة؟ ولماذا يدخل الجنة؟ ولماذا يقترب من أبواب الجنة وقد قطع والديه؟!

    الرحم خلق من خلق الله؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {لما خلق الله الرحم تعلقت بالعرش -بعرشه هو- قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة -معنى الكلام: أشكو إليك القطيعة في الدنيا، أنصفني من القاطع- قال الله لها: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأن أقطع من قطعك، قالت: بلى. قال: فذلك لك }.

    فالقاطع يقطعه الله، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23].

    والله سبحانه قرن بالوحدانية المتفرد بها حق الوالدين فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:24].

    كلمة "أف" لا يجوز إطلاقها على الوالدين، فكيف بمن تنعم في القصور والفلل، وأهان والديه! وكيف بمن قدم زوجته على أمه! وكيف بمن أغلظ لهما في الخطاب! وعصى في الجواب! وفظ في التعامل! إنها صور تحدث في المجتمع، يعرفها من يعيش في المجتمع بآلامه وببؤسه وبمشكلاته، فنشكو حالنا إلى الله.






    السلف وبر الوالدين



    أيها الناس! البارّون لهم قصص عَبر التاريخ، يضربون أروع الأمثلة، منهم الإمام ابن سيرين حيث بلغ من بره بوالدته أنه قال: والله ما ارتقيت سطح بيت ووالدتي في البيت -لئلا يرتفع عليها- كان يقدم لها الطعام فلا يبدأ حتى تبدأ، ولا يأكل من الإناء الذي تأكل هي منه، فقيل له: لمَ؟ قال: أخشى أن تقع عينها على شيء من الطعام فآخذه فأكون عاقاً، وكان إذا جلس أمامها لا يبدُّها بصره، بل كان يخفض البصر كأنه عبد مملوك، وهذا حق الوالدة.

    والإمام أحمد جعل من نفسه -وهو إمام أهل السنة والجماعة - خادماً لوالدته في البيت -خادماً بمعنى الكلمة- يغسل ثيابها، ويصنع طعامها، ويكنس بيتها، وهذا تاجٌ على رأسه يلقى الله به: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89].

    ما فائدة العلم والثقافة!؟ وما فائدة التبجح بالإسلام صباح مساء؟! وهذا العقوق الصارخ يدوي في مجتمعاتنا، وفي أسرنا، كل يوم تسمع أماً أو أباً يقطع عباراتهم البكاء، يشكون إلى الله هذا الظلم من العاقين، إنه تحذير لكل من عق أن يتوب إلى الله، وأن يتقي الله في والديه، وأن يخشى أخذ الله الذي لا يعذب عذابه أحد، ولا يوثق وثاقه أحد.

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم..





    صور العقوق كثيرة




    الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أيها الناس! للعقوق صور كثيرة في هذه الأمة، وهي أمة عاشت في فترة من فتراتها الجمود والجحود، جمدت في الإبداع والابتكار والاكتشاف والاختراع، وجحدت حقوق مولاها ورسولها ووالديها، وليس عقوق الوالدين إلا صورة واحدة من الصور التي تعيشها الأمة.......



    عقوق العلماء



    فالأمة عاقة -إلا من رحم الله- مع علمائها، ومع رواد الرأي فيها، ومع مفكريها وأدبائها، وهذا الرصيد الضخم والعملة النادرة والكبريت الأحمر يجب أن نضعه تاجاً على مفرق الأمة، أعني العلماء والأخيار والصلحاء والمفكرين والأدباء الملتزمين، نضعه على جبين الأمة، لكن الأمة لم تفعل ذلك، لقد عقَّت هؤلاء في حقبة من حقب التاريخ، وجعلت روادها أهل الهوايات من أساطين الفن وعشاق الكرة وصُرّع التسلية؛ لقد مات النمو والاختراع والابتكار في هذه الأمة؛ لأن العبقري عندها يُكسر قلمه، والأحوذي يُلغى ذكاؤه، والمبدع يُشطب على عقله.

    أمة هي ترى الناصح متهَماً، والمخترع مهدَداً، والمكتشف عميلاً، يهددها المخترع فتخافه، ومن يكتشف خيراً عُدَّ عميلاً مظنوناً به السوء.

    اكتشف الحمر والشقر وسائل التقدم والترفيه والتقنية لا لأنهم أذكى، ولكن لأنهم وجدوا التشجيع وإلهاب الحماس والتكريم والجوائز.

    نجومهم المخترعون والمكتشفون والمبدعون ورواد الصناعة، فمن هم نجومنا اليوم في وسائل الإعلام، وعلى مستوى الرأي العام، وعلى مستوى تجمعات الناس؟ من هم نجومنا الذين نباري بهم الأمم في ثقافتنا وتقدمنا وحضارتنا؟! أتدري من هم؟! إما بطل كرة، أو مغن جماهيري شهير، أو موسيقار أو مسرحي، هؤلاء هم اللامعون في الحقبة الأخيرة من حقب أمة محمد عليه الصلاة السلام، فكيف لا تتخلف، وكيف لا تكون في الذيل، وكيف لا تكون تابعة لا متبوعة، ومأمورة لا آمرة، ومقودة لا قائدة؛ إننا نشكو الحال إلى الله.







    عقوق رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم



    وهي أمة عقت رسالة رسولها عليه الصلاة والسلام، فتنكرت لمبادئه، فشعوب الإسلام اليوم غالبها أنظمة علمانية كافرة لا تحكم بالكتاب ولا بالسنة، يؤدبها ربها صباح مساء بأصناف الويلات والحروب والتمزيق؛ لتعود إليه فما تزيد إلا طغياناً وكفراً: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].

    يؤدبها فلا ترتدع ولا تتوب، وهذه صورة من صور العقوق، عقوق للرسول عليه الصلاة والسلام ولمبادئه، يأخذون مبادئ الشرق والغرب، ويطرحون مبادئه عليه الصلاة والسلام قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً منها، فالشريعة والقرآن والسنة عند هؤلاء قراطيس، تمائم للمرضى ولصلاة الاستسقاء وللجنائز وللمولد النبوي، أما لتسيير الحياة فعقوق ما بعده عقوق.

    يقول شوقي :

    شعوبك في شرق البلاد وغربها كأصحاب كهف في عميق سبات


    بأيمانهم نوران ذكر وسنة فما بالهم في حالك الظلمات







    عقوق لأمجاد الأمة وعظمائها



    الأمة تعيش عقوقاً لأمجادها، لأن هؤلاء الأعداء المغرضين ظنوا أنهم هم اللامعون اليوم، وهم الذين على الساحة، وليسوا بلامعين، ولكن أمجادنا؛ عمر وعلي وصلاح الدين ونور الدين ، وتلكم القائمة البيضاء.

    إذا تفاخر بالأهرام منهزم فنحن أهرامنا سلمان أو عمر


    أهرامنا شاد طه دعائمها وحي من الله لا طين ولا حجر


    إن الأمة عقت عظماءها، ولم تجعل لهم الصدارة، حتى في كتب التاريخ المبسطة التي تدرس في الابتدائية والمتوسطة، تجعل لـسليمان فرنجيه مساحة في التاريخ كمساحة محمد عليه الصلاة والسلام وكمساحة أبي بكر وعمر ، ولكل رذيل حقير مكان يعادل مكانة الأنبياء والرسل، فكيف يفهم الجيل أجدادهم، وكيف يعرفون أمجادهم، وكيف يحبون عظماءهم، وكيف يقرءون تاريخهم:

    أمتي تاريخها ذو خطر لو تأمنَّاه ما كان الخطر


    هذه من صور العقوق. ولك أن تعدد العقوق ما شئت: عقوق في التاريخ، وعقوق في التربية، وعقوق في منهج الدراسة، وعقوق في الأدب والسلوك والأخلاق والقيم، ولا يصلحنا إلا الواحد الأحد، فنسأله لنا ولكم هداية ورشداً، وتسديداً وتوفيقاً.

    أيها الناس! صلوا على المعصوم عليه الصلاة والسلام، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان.

    اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم أخرجهم من الظلمات إلى النور، اللهم أصلح ولاة الأمور وهيأ لهم البطانة الناصحة الصالحة التي تدلهم على الحق، وتحذرهم من الباطل.

    اللهم اهد شباب المسلمين واجعلهم بررة أخياراً، ووفقهم إلى كل خير، وكفِّر عنهم سيئاتهم، وأخرجهم من الظلمات إلى النور.

    سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    كن أول من يقيم الموضوع
    12345