• الفقه
  • 2001
  • 6-8-2008
  • الشيخ سعد البريك
  • في موقف تجلله الهيبة وتتنزل فيه الملائكة وتغمره السكينة ويحف به الوقار وقف صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ليبطل أكبر صور الجشع والطمع واستغلال حاجات الناس عبر التاريخ كله فقال :" ألا إن ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي هاتين ، وأول ربا أضعه ربا العباس".
    وما ذاك إلا لأن الإسلام يربي الأمة على معاني الاخوة والتعاون والتآزر، ويجعل المحتاج في كفالة إخوانه الميسورين ورعايتهم ، فلا يجوز أن يتركوه للحاجة ، ولا أن يستغلوا حاجته بالربا الحرام . وعندما أغلق الإسلام أبواب الحرام فقد فتح أبواب الحلال .
    فشرع القرض ورغَّب فيه وجعله قربة من القربات ، لما فيه إيصال النفع للمقترض وقضاء حاجته وتفريج كربته .
    عن أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دخل رجلٌ الجنّةَ فرأى مكتوبًا على بابها: الصدقة بعشر أمثالها , والقرضُ بثمانية عشر " أخرجه الطبري والبيهقي وصححه الألباني .
    وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كلُّ قرضٍ صدقة ".
    أخرجه الطبراني والبيهقي بإسناد حسن كما قال المنذري .
    وقال صلى الله عليه وسلم :"ما من مسلم يُقْرِضُ مسلِمًا قرضًا مرّتين؛ إلا كان كصدقتها مرّة " . رواه ابن ماجه وابن حبان وصححه الألباني .
    وإلى جانب حثَّ الشريعة على الإقراض ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من الدَّيْن ويبين سوء مآله وقبح عاقبته .
    روى الإمام البخاري عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته ويقول : " اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم". فقال له قائل : ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم ؟ قال:" إن الرجل إذا غرم حدَّث فكذب ووعد فأخلف".وفي هذا بيان منه صلى الله عليه وسلم لبشاعة الدّين وشدَّته ودفعه الدائنَ إلى الكذب والخُلْف في الوعد وهاتان صفتان من صفات المنافقين .
    الدين هَمّ الليل، وذل النهار، يزعج القلوب ويشتت الأفكار. والمدين مهموم مغموم ولو رآه الناس فرحًا مسرورًا. وذليل حسير كسيرٌ أسيرٌ ولو رآه الناس حرًا طليقًا .
    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ذات يوم فرأى رجلاً من الأنصار يقال له أبو أمامة جالسًا فيه فقال صلى الله عليه وسلم : يا أبا أمامة ما الذي أجلسك في المسجد في غير وقت صلاة؟ قال: يا رسول الله، هموم لزمتني وديون غلبتني. فقال صلى الله عليه وسلم : " أو لا أدلك على كلمات إذا قلتهن أذهب الله عنك همك وقضى عنك دينك؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: قل إذا أمسيت وأصبحت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ".
    والدَّيْن شَيْن في الدنيا والآخرة . روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه : " لا تخيفوا أنفسَكم أو قال الأنفس " . فقيل له : يا رسول الله ! وما نخيف أنفسنا؟قال:" الدَّين " .
    وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " إياكم والدَّيْنَ ، فإنَّ أوّلَه هَمٌّ وآخرَه حربٌ " .
    وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من الاستدانة لأمر حرمه الله . عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن فيما يكرهه الله". رواه الحاكم وهو صحيح .
    ولهذا ينبغي للإنسان ألا يلجأ للدين إلا إذا كان حاجته ماسة ؛ لأنها حقوق الناس يتحملها في ذمته ولا يدري هل يستطيع قضاءها أم لا .
    ورد في ترجمة الإمام أحمد رحمه الله ، أنه كان في الأسفار يسقي للناس ، ويحمل الأحمال ، ويؤجر نفسه حتى لا يحتاج إلى الدَين ، وسُرقت ثيابه في مكة فاختبأ في غار ، فوجده بعض أصحابه بعد ثلاثة أيام، فأراد أن يرمي له بثوب يستر به عورته، فقال أحمد: لا آخذ منك شيئا هبة ولا ديناً، ولكن أكتب لك أحاديث بأجرة، فرضي صاحبه بذلك. وهذا درس عظيم منه رحمه الله في وجوب ترك الدين مع إمكان الاستغناء عنه.
    وفي سبيل الحد من الخصومات والمنازعات التي قد تنشأ عن المداينة والإقراض ؛ فقد وضعت الشريعة جملة آداب وتوجيهات لكل من المقرِض والمستقرض . فمن ذلك :
    1- حث المقرض على إنظار المقترض إذا أعسر حتى يجد ما يبرئ ذمته {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}. كما رغبت السنة بالإنظار وبينت فضائله .
    فهو سببٌ للنجاة من كرب يوم القيامة : روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه طلبَ غريمًا له ، فتوارى عنه ، ثم وجده ، فقال : إني معسر . قال : آلله ؟ - أي بالله – قال : الله . قال فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سرّه أن يُنجيه الله من كرب يوم القيامة؛ فلينفِّس عن معسر أو يضع عنه " . وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه وتعالى يُظِلُّ من أنظرَ المعسر في ظلِّ عرشه :عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من أنظر مُعسراً، أو وضع له ، أظله الله تحت ظلِّ عرشه يوم لا ظل إلا ظله " أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني .
    وبيَّن أن الله يُيَسِّر عليه الدنيا والآخرة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من يسَّر على معسِرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة". رواه ابن حبان في صحيحه .
    ومن أنظر مُعسراً، فله كلّ يوم صدقة قبل أن يحلَّ الدين , وإذا أنظره بعد حلول الدَّين فله كلّ يوم مثليه صدقة . عن بريدة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر مُعسراً؛ له كل يوم صدقة قبل أنْ يحلَّ الدَّيْنُ ، فإذا حلَّ الدَّيْنُ فأنظرَه؛ فله كلّ يوم مثليه صدقة " أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني .
    من أنظرَ معسرًا فإن الله يتجاوز عنه ويغفر له يوم القيامة .عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلقّت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم , فقالوا : عملتَ من الخير شيئًا ؟ قال : لا . قالوا : تذَّكر . قال : كنتُ أُدايِنُ الناسَ فآمر فتياني أن يُنظروا المعسِر, ويتجاوزوا عن الموسر. قال الله : تجاوزوا عنه " . أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له .وفي رواية لمسلم : " أن رجلاً مات فدخل الجنّة , فقيل له : ما كنتَ تعملُ ؟ قال : فإما ذَكَرَ وإما ذُكِّر , فقال : كنتُ أبايِعُ الناسَ , فكنتُ أنظِرُ المعسرَ , وأتجوّز في السَّكّة أو في النقد , فَغُفِرَ له " .
    وفي حديث حذيفة رضي الله عنه : " أُتي الله بعبد من عباده , آتاه الله مالاً , فقال له: ماذا عملتَ في الدنيا ؟ قال { وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً}قال : يا ربِّ , آتيتني مالَكَ , فكنتُ أبايِعُ الناسَ , وكان من خُلُقي الجواز , فكنتُ أتيسَّرُ على الموسر وأنظر المعسر. فقال الله: أنا أحقُّ بذا منك, تجاوزوا عن عبدي " .
    و من آداب التعامل مع المقترضين أيضًا :
    حسن التقاضي : فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحسن التقاضي ، ورغَّب صاحبَ الحقِّ بالامتناع عن كلَِّ ما لا يحلّ وقتَ مطالبتِه حقَّه ، فروى ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من طلب حقاً فليطلب في عفاف واف ، أو غيرَ واف " . رواه ابن ماجة وابن حبان ، وصححه الألباني . وفي لفظ آخر من حديث أبي هريرة:" خذْ حقَّكَ في عفاف ؛ وافٍ أو غيرَ وافٍ " .
    قال المُناوي في شرح هذا الحديث : ( أي عَفَّ في أخذه عن الحرام بسوء المطالبة والقول السيئ , سواء وفَّى لكَ حقَّكَ أو أعطاكَ بعضَه لا تفحش عليه في القول ) أ . هـ .وبوَّب الإمام ابن ماجه على هذا الحديث بقوله : ( باب حسن المطالبة وأخذ الحقّ في عفاف ) .
    وحكى الأصمعي أن أعرابيًّا أتى قوماً فقال لهم : هل لكم في الحقّ أو فيما هو خير من الحقّ ؟ قالوا : وما خيرٌ من الحقّ ؟ قال : التفضّل والتغافل أفضل من أخذ الحقّ كلِّه .
    كما حثَّ صلى الله عليه وسلم على السماحة في المعاملة وترك التضييق على الناس في المطالبة . فقد روى الإمام البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع ، وإذا اشترى وإذا اقتضى".وعند الترمذي بلفظ : " غفر الله لرجل كان قبلكم ؛ كان سهلاً إذا باع , سهلاً إذا اشترى , سهلاً إذا اقتضى ".
    قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث : " وفيه الحض على السماحة في المعاملة ، واستعمال معالي الأخلاق ، وترك المشاحة ، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة ، وأخذ العفو عنهم". وفي سبيل الترغيب بهذه الصفات والتخلق بهذه الأخلاق قال النبي صلى الله عليه وسلم :" من كان هيِّنًا ليّنًا قريبًا ؛ حرّمه الله على النار".رواه الحاكم وصححه .وقال صلى الله عليه وسلم : " دخل رجلٌ الجنّةَ بسماحته قاضيًا ومقتضِياً".رواه أحمد وصححه الألباني .
    و من آداب التعامل مع المقرضين أيضًا :
    وضع الدَّيْن عن المعسِر: فلم تقف هذه الشريعة المباركة عند الحكم بوجوب إنظار المعسر إلى وقت اليسر والرخاء, والحثِّ على حسن التقاضي ، بل رغّبت في إسقاط الدَّيْن عنه كلاً أو بعضاً كما سبق في قول الله تعالى : {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون}.
    وبينت السنة النبوية فضل وضع الدَّيْن عن المعسر. فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من سره أن ينجيه الله من كُرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه " . أخرجه مسلم .
    وحضّ صلى الله عليه وسلم بعضَ المقرضِين على وضع الدَّيْن . عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه تقاضى ابنَ أبي حَدْرَد دَيْناً كان له عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فارتفعت أصواتُهما حتى سمعها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليهما حتى كشفَ سِجْفَ حجرته ، فنادى كعب بن مالك فقال : " يا كعب " . فقال : لبيك يا رسول الله . فأشار بيده أن ضع الشطر . فقال كعب : "قد فعلتُ يا رسولَ الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قم فاقضه " . رواه البخاري .
    وهذا الحديث أيضاً يدل على جواز الشفاعة عند صاحب الحق في وضع الدَّيْن ، وقد بوَّب الإمامُ البخاري في صحيحه باباً عنوانه : " بابا الشفاعة في وضع الدين " ، وذكر فيه حديث جابر رضي الله عنه أنه قال : " أُصيبَ عبدُ الله رضي الله عنه وترك عيالاً وديناً ، فطلبت إلى أصحاب الدَّيْن أن يضعوا بعضاً من دينه فأبوا ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاستشفعت به عليهم فأبوا " .
    وأذكر هنا قصتين تبيَّنا كيفية تعامل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المعسرين .
    أولاهما : ما رواها عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه كان يطلب رجلاً بحق ، فأختبأ منه ، فقال : " ما حملك على ذلك ؟ " . قال : العسرة ، فاستحلفه على ذلك ، فحلف ، فدعا بصكه ، فأعطاه إياه، وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسراً ، أو وضع له، أنجاه الله من كرب يوم ا لقيامة " . أخرجه مسلم والبغوي في شرح السنة واللفظ له .
    وثانيتهما : ما رواه عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال : " خرجت أنا وأبي نطلب العلمَ في هذا الحيّ من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا أبا اليَسَر صاحِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم - واسمه كعب بن عمرو السَّلمي الأنصاري وهو صحابي جليل شهد بدرًا وهو ابن عشرين - , ومعه غلامٌ له ، معه ضِمَامَة - أي رُزمة - من صحف ، وعلى أبي اليَسَر بُرْدَةٌ ومَعَافِريٌّ - نوع من الثياب يعمل بقرية تسمى معافر - ، وعلى غلامة بردة ومعافري ، فقال له أبي : " يا عمّ ! إني أرى في وجهك سَفْعَةً من غضب . قال : أجل . كان لي على فلان بن فلان الحراميِّ مالٌ ، فأتيتُ أهلَه ، فسلّمتُ ، فقلت : ثَمَّ هو ؟ قالوا : لا . فخرج عليَّ ابنٌ له جَفْرٌ – والجفر هو الذي قاربَ البلوغ , وقيل هو الذي قوِيَ على الأكل , وقيل ابنُ خمس سنين - فقلت له : أين أبوك ؟ . قال : سمعَ صوتَكَ فدخلَ أريكةَ أمي . فقلتُ : اخْرُجْ إليَّ قد علمتُ أينَ أنتَ . فَخَرَجَ ، فقلتُ : ما حملَكَ على أن اختبأتَ مني ؟ قال : أنا ، والله! أُحَدِّثُكَ ثم لا أَكْذِبُكَ ، خشيتُ والله أَنْ أُحَدِّثُكَ فَأَكْذِبَكَ ، وأَنْ أَعِدَكَ فأُخْلِفَكَ ، وكنتَ صاحبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وكنتُ والله مُعسراً ، قال:قلتُ: آلله ؟ قال: الله . قلتُ : آلله ؟ قال : الله . قلتُ : آلله ؟ قال : الله . قال : فأتي بصحيفته ، فمحاها بيدِه ، فقال : إن وجدتَ قضاءً فاقْضِنِي ، وإلاَّ أنتَ في حلٍّ . فأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنيَّ هاتين ( ووضع إصبعيه على عينيه)، وسَمْعُ أُذُنيَّ هاتين ، ووعاه قلبي هذا ( وأشار إلى مناط قلبه) رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : من أنظر معسراً أو وضع عنه ، أظله الله في ظله".
    وكما رغّب الإسلام في القرض ؛ وأرشد المقرضِين إلى حسن التعامل مع المدينين , ووجّههم إلى الآداب التي سبق ذكرها ؛ فإنه لم يغفل الجانب الثاني والطرف الآخر وهو المدين ؛ فأرشده إلى أداء الدَّيْن ؛ فلو تساهل المدين وماطل في أداء ما في ذمته فإن هذا سيؤدي إلى امتناع المقتدرين عن الإقراض ، وحرمان كبير للمجتمع من فوائد القرض.
    فأمر بأداء الدَّين ، وحثَّ على حسن القضاء، وحرَّم المماطلة، وبيَّن ما للدين من عاقبة وخيمة على المدين وشرع جملة من الآداب التي ينبغي للمدين أن يتحلّى بها منها :
    أن تكون نيته صادقة للأداء: فلا يجوز لشخص أن يستدين إلا بنية صادقة للأداء ، والذي يستدين وليس عنده عزم على إبراء ذمته ؛عرَّض نفسَه لسخط الله تعالى . روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مَنْ أَخَذَ أموالَ الناس يريدُ أداءَها أَدَّى اللهُ عنه ، ومَنْ أَخَذَ يريدُ إتلافَها أتلفَه اللهُ".
    يقول الحافظ في شرح الحديث : " قوله ( أتلفَه الله ) ظاهره : أن الإتلاف يقع له في الدنيا ، وذلك في معاشه أو في نفسه ، وهو عَلَمٌ من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئاً من الأمرين ، وقيل : المرادُ بالإتلاف عذابُ الآخرة " . وأضاف قائلاً : " وفي الحديث الترغيب في تحسين النية والترهيب من ضد ذلك " .
    وقال ابن بطال : " فيه - أي الحديث – الحضُّ على ترك استئكال أموال الناس , والترغيب في حسن التأدية إليهم عند المداينة , وأن الجزاء من جنس العمل " .
    وبَيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حديث آخر عاقبةَ المستدين الذي لا يريد الأداء ، وأنه إذا مات لقيَ اللهَ وهو سارقٌ ؛ فقد روى الإمام الطبراني في الأوسط عن ميمون الكردي ، عن أبيه رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أيما رجل استدان دَيْناً لا يريد أن يؤديَ إلى صاحبه حتى أخذ ماله ، فمات ولم يؤد إليه دينه ، لقي الله وهو سارق " .وفي لفظ صهيب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيّما رجلٍ تدايَنَ ديْنًا وهو مُجْمِعٌ أنْ لا يوفيه إيّاه ؛ لقيَ اللهَ سارِقًا " . أخرجه ابن ماجه والبيهقي وحسنه الألباني .
    وبيَّن في حديث ثالث أن من تداين ديْنًا وهو لا يريد قضاءه ثم مات أُخِذَ من حسناته . فقد روى الطبراني في المعجم الكبير بإسناد حسَّنه المنذري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدَّيْنُ دَيْنان ؛ فمن مات وهو ينوي قضاءه ؛ فأنا وليّه , ومن مات وهو لا ينوي قضاءه؛ فذاك الذي يُؤخذ من حسناته , ليس يومئذ دينار ولا درهم " .
    ومما يجب على المدين : أن يبادر إلى أداء الدَّيْن فور حلول أجله . فالدَّيْنَ أمانةٌ في رقبته ومأمور بأدائه {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } .قال الحافظ السيوطي في تفسير الآية : " وجوب رد كل وديعة من أمانة وقرض وغير ذلك " .
    و أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاحتياطات لأداء الدَّيْن . فقد روى أبو ذر رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أبصر – يعني أُحُداً – قال : " ما أحب أنه لو تحول لي ذهباً يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث إلا ديناراً أرصده – أي هيّأته وأعددتُه - لدَيْنٍ " . أخرجه البخاري.
    يقول العلامة العيني في شرح الحديث : " ومما يستفاد من الحديث الاهتمام بأمر الدَّيْن وتهيئته لأدائه " .
    كما حثت الشريعة على حسن القضاء : فذلك أمر يحبه الله تعالى. عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يحب سمح البيع ، سمح الشراء ، سمح القضاء " أخرجه الترمذي والحاكم وصححه الألباني .
    كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من خيار الناس أحسنهم قضاء ، فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن خيارَكم أحسنُكم قضاءً " .
    وحثَّ صلى الله عليه وسلم على حسن القضاء بعمله ، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد قال : " صلى ركعتين، وكان لي عليه دين، فقضاني وزادني " . رواه البخاري
    وروى أحمد ومسلم عن أبي رافع قال : استلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجلٍ بَكرًا – وهو الصغير من الإبل – فجاءته إبلُ الصدقة , فأمرني أن أقضي الرجلَ بَكرًا , فقلتُ : لم أجد في الإبل إلا جملاً خيارًا – أي الجيّد – رَباعيًّا – وهو من الذي استكمل ستَّ سنين ودخلَ في السابعة - , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أعطه إياه ؛ فإن خيرَكم أحسنُكم قضاءً " .
    وهذا دليل على جواز الزيادة على مقدار القرض من المستقرض , بل إنه يستحبُّ للمدين أن يَرُدَّ خيرًا من القرض في الصفة وأجودَ من الدَّيْن الذي عليه أو يزيدَ عليه في المقدار . وهذا من مكارم الأخلاق المحمودة شرعًا وعرفًا. وهكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    يقول عطاء بن يعقوب : استسلفَ عبدُ الله بنُ عمر رضي الله عنهما مني ألفَ درهم ، فقضاني أجودَ منها، فقلتُ له : إن دراهمك أجودُ من دراهمي . قال : ما كان فيها من فضل نائل لك من عندي " . رواه الطبراني في الكبير .
    وعلى هذا القول جمهور الفقهاء من الأحناف والشافعية والحنابلة فيرون جواز قضاء الدَّيْن خيرًا منه في القدر (العدد) والصفة.
    ولا يدخل هذا : في القرض الذي يجرّ نفعًا ؛ لأنه لم يكن مشروطًا من المقرِض, وإنما ذلك تبرّع من المستقرض .
    أما إذا اشترط ذلك عليه , فلا يجوز أن يردَّ المقترِض إلا ما اقترضه منه أو مثله ؛ لأن عقد القرض يُقصدُ به الرّفقُ بالناس ومعاونتُهم على شؤون العيش وتيسيرِ وسائل الحياة , وليس هو وسيلةً من وسائل الكسب , ولا أسلوبًا من أساليب الاستغلال , وهذا مما لا خلاف فيه بين الفقهاء . يقول ابن قدامة صاحب المغني : ( كل قرض شرط فيه أن يزيده ؛ فهو حرام بلا خلاف ) . ويقول ابن المنذر : ( أجمعوا على أن المسلِف إذا شرطَ على المستسلِف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك ؛ أن أخذ الزيادة على ذلك ربًا ) .
    فالحاصل أن القرض بفائدة مشروطة لا يجوز وهو وجه من وجوه الربا, للقاعدة الفقهية المشهورة التي تقول : كلُّ قرضٍ جرَّ نفعًا فهو ربًا .
    وهذه القاعدة صحيحة شرعاً وليست حديثاً صحيحاً .
    أما إذا كانت الفائدة غير مشروطة قبل الوفاء , فجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة يرون عدم جواز أخذ المقرِض من المستقرِض شيئًا من المال كالهدية قبل الوفاء .أما الشافعية فقد أجازوا أخذ الهدية قبل الوفاء إذا لم تكن شرطًا ، واعتبروا التنزّه عنها أولى.وحجّة الجمهور على منع أخذ المقرض هدية أو منفعة من المستقرِض قبل الوفاء: أن ذلك ذريعة إلى تأخير الدَّيْن .
    يقول ابن تيمية في إبطال التحليل (ص/330) : ( لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء , وإن كان لم يشترط ذلك, ولم يتكلّم به؛ فيصير بمنزلة أن يأخذ الألف ناجزة وألف مؤخرة , وهذا ربا . ولهذا جاز أن يزيدَه عند الوفاء ويهدي له بعد ذلك لزوال معنى الربا) اهـ ويؤيِّد حجّةَ الجمهور ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي بردة قال : قدمتُ المدينةَ فلقيتُ عبد الله بنَ سَلاَم فقال لي : إنكَ بأرضٍ - أي العراق - الربا فيها فاشٍ , فإذا كان لك على رجلٍ حقٌّ فأهدى إليك حِمْلَ تَبْنٍ أو حملَ شعير أو قَتٍّ - وهو نوع من أنواع عَلَفِ الدَّواب - فلا تأخذه فإنه ربا .
    وفي مصنَّفي عبد الرزاق رقم (14650) وابن أبي شيبة (5/78) من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إذا أسلفتَ رجلا سلفًا فلا تأخذ منه هدية ولا عارية ركوب الدّابة " .
    وورد أيضًا غير ذلك من الآثار عن الصحابة ، وهي تدلُّ على أن الهدية ونحوَها إذا كانت لأجل التنفيس في أجل الدَّين ، أو لأجل رشوة صاحب الدَّيْن ، أو لأجل أن يكون لصاحب الدَّيْن منفعة في مقابل دَيْنه -كأن يسكن المقرض دار المقترِض مجانًا أو بأجرة أرخص من أجرتها الحقيقية - .
    قال ابن القيم في إعلام الموقعين (5/90) بعد أن أورد بعض الآثار عن السلف في هذا الموضوع : ( فنهوا – أي الصحابة – المقرِض عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء ؛ لأن المقصود بالهدية أن يؤخِّر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك : سدًّا لذريعة الربا)
    وقال في موضع آخر : ( وما ذاك إلا لئلا يتخذ ذلك ذريعةً إلى تأخير الدَّيْن لأجل الهدية فيكون ربا ؛ فإنه يعود إليه مالُه وأخذ الفضل الذي استفاده بسبب القرض ) اهـ.
    أما إن كان ذلك لأجل عادة جارية بين المقرض والمستقرِض قبل التداين فلا بأس بذلك .قال ابن قدامة : ( وإن فعل ذلك - يعني فائدة للقرض من غير شرط قبل الوفاء - لم يقبله , ولم يجز قبوله إلا أن يكافئه أو يحبسه من دَيْنه إلا أن يكون شيئًا جَرَتْ به العادة بينهما قبل القرض ).
    خلاصة ما تقدّم :
    1- جواز قضاء الدَّيْن أو القرض بأحسن منه صفة أو أكثر عددا .
    2- فإذا كان ذلك مشروطًا في العقد فهو ربا محرَّم .
    3- وإذا لم يكن ذلك مشروطاً وكان قبل الوفاء فالذي عليه أكثر الأئمة تحريم ذلك .
    4- إذا لم يكن ذلك مشروطا وكان قبل الوفاء , ولكن جرت العادة بذلك بين المقرض والمستقرض جاز ذلك .
    ومما حرمته الشريعة على المدين : المماطلة . فلا يجوز أن يؤخِّر المدينُ أداءَ ما وجب عليه أداؤه بغير عذر ، يقول الله تعالى :{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ } . ذكر الإمام إلكيا الهراس في تفسير هذه الآية : " ويدل على أن الغريم متى امتنع من أداء الدَّيْن مع الإمكان كان ظالماً ، فإن الله تعالى يقول : { فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} ، فجعل المطالبة برأس ماله ، وإذا كان له حق المطالبة فعلى من عليه الدين لا محالة وجوب قضائه ، وقوله تعالى :{ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} يدل على أن من عليه رأس المال ، بالامتناع من أداء رأس المال إليه ، ظالم ، كما أنه بطلب الزيادة ظالم " .
    وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أن التأخير في أداء الدَّيْن الواجب مع وجود القدرة : ظلمٌ . فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مطل الغني ظلم " . والمطل هو تأخير ما استحقّ أداؤه بغير عذر .
    وينبني على ذلك : تفسيق المماطل ورد شهادته : فقد قرر العلماء استنباطاً من الحديث المذكور أن المماطل بمماطلته يصير فاسقاً وترد شهادته .
    كما قررت الشريعة حبس المماطل. روى الشريد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لَيّ الواجد يُحِلُّ عرضه وعقوبته " ذكره البخاري معلقًا ووصله أحمد وغيره. واللَي هو المطل . والواجد هو الغني .ومعنى : يُحلّ : أي يجوز وصفه بكونه ظالمًا . (كما في فتح الباري ).
    قال العلامة العيني : " واستدلّ بهذا الحديث على مشروعية حبس المديون إذا كان قادرًا على الوفاء تأديبًا له ؛ لأنه ظالم حينئذ , والظلم محرَّم وإن قلَّ " .
    ونقل البخاري عن سفيان أنه قال : " عقوبته الحبس " .
    قال ابن تيمية : ( ومن كان قادرًا على وفاء دَينه وامتنع : أجبر على وفائه بالضرب والحبس . نصَّ على ذلك الأئمة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم , ولا أعلم في ذلك نزاعًا).(الاختيارات 201) .
    وهنا مسألة أخرى : الشخص الذي تكثر عليه الديون وتزيد على ماله، وطلب غرماؤه مالَهم ؛ فللحاكم أن يمنعه من التصرّف في ماله , وهذا ما يعرف في الفقه الإسلامي بالحجر، قال ابن قدامة : ( الحجر هو في الشريعة منع الإنسان من التصرّف في ماله ) . وهو قسمان :
    الأول : الحجر لحفظ النفس مثل : الحجر على الصغير والسفيه والمجنون ؛ فإن في الحجر على هؤلاء مصلحة تعود عليهم .
    الثاني : الحجر لحقّ الغير مثل : الحجر على المفلس , فإنه يمنع من التصرّف في ماله محافظة على حقوق الغرماء .وهذا القسم هو المقصود هنا , قال النووي : ( من عليه ديون حالة زائدة على ماله يُحجر عليه بسؤال الغرماء ) .
    وللترهيب من المماطلة فقد امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على من ترك ديناً : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع عن صلاة الجنازة على من مات وترك ديناً .
    روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين ، فيسأل : " هل ترك لدينه قضاء ؟ " فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه ، وإلا قال : " صلوا على صاحبكم " فلما فتح الله عليه الفتوح قال : " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن توفى وعليه دين فعليَّ قضاؤه ، ومن ترك مالاً فهو لورثته ".
    يقول الإمام النووي : "إنما كان يترك الصلاة عليه ليحرض الناس على قضاء الدين في حياتهم ، والتوصل إلى البراءة منها ، لئلا تفوتهم صلاة النبي " .
    كما حذرت الشريعة من تأثير الدّين في عاقبة المدين . روى الإمام الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "نفس المؤمن معلَّقةٌ بدَيْنه حتى يُقضى عنه " .
    وأُتى صلى الله عليه وسلم برجل ليصلي عليه فقال: " هل عليه دين "؟ قالوا : نعم. قال " : صلوا على صاحبكم ". فقال أبو قتادة: هما علي يا رسول الله ، أي الديناران الذان هما دين هذا الرجل ، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو قتادة: فلم يزل يلقني النبي صلى الله عليه وسلم في طرق المدينة ويقول: " هل أديتهما ، هل قضيتهما "؟ فأقول: لا بعد. حتى لقيني ذات يوم فقال: "هل أديتهما" قلت: نعم. فقال: " الآن بردت جلدته " رواه البخاري
    حتى لو استشهد المدين في سبيل الله تعالى فإن الديَّن سيقف حائلاً بينه وبين دخول الجنة .
    روى الإمام مسلم عن قتادة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال ، فقام رجل, فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم ، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب ، مقبل غير مدبر " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف قلت ؟ ".قال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" نعم وأنت صابر محتسب ، مقبل غير مدبر ، إلا الدَّيْن ، فإن جبريل  قال لي ذلك " .
    وحتى لو قتل المدين في سبيل الله أكثر من مرة فإن الدين سيظل حائلاً بينه وبين الجنة ، كما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
    روى الإمام النسائي عن محمد بن جحش رضي الله عنه أنه قال : كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرفع رأسه إلى السماء ، ثم وضع راحته على جبهته ، ثم قال : " سبحان الله ماذا نزل من التشديد " . فسكتنا وفزعنا ، فلما كان من الغد سألته : يا رسول الله ! ما هذا التشديد الذي نزل ؟ فقال : " والذي نفسه بيده لو أن رجلاً قتل في سبيل الله ثم أُحيِيَ ، ثم قتل ، ثم أُحيِيَ ، ثم قتل وعليه دين ، ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه " .
    أخي المدين : قف بباب أكرم الأكرمين. واجعل فقرك إلى الله وغناك بالله ، وتوكل على الحي الذي لا يموت، الذي بيده خزائن السماوات والأرض وفوض الأمور إليه .
    استودع ربي أموري كلها إن لم يكن ربي لها فمن لها
    أنزل حاجتك بالله يغنيك وتوكل عليه يكفيك ، وإن ضاقت عليك الأمور فوسعها باليقين بالله سبحانه وتعالى، فكم من هموم وغموم أحاطت بأصحابها فرجها الله عنهم من حيث لا يحتسبون { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } .

    كن أول من يقيم الموضوع
    12345